ماذا يخبيء العام الجديد .. ؟
.. ».. بكل الإيمان نسأل الله أن يكون عامنا الجديد خيرا وأهدي سبيلاً..« ..
الاثنين :
عام
يكاد يمضي، وعام يكاد يجيء، والعام الذي يمضي، والعام الذي يجيء،
ليس هما وحدهما ما مضي وماهو آت، بل عشرات الآلاف، ومئات الآلاف،
جاءت وذهبت، دون أن يبلي الزمان أو يدوب، ولكن بلي الناس وذهبوا
بالعشرات والألوف والملايين، اليوم الذي يذهب يجيء بديل له، والاسبوع
الذي يذهب يجئ بديله، والشهر الذي يذهب يجئ بديله، والسنة التي تذهب
يجئ بديلها، ليس في الزمن فراغ لا يمتليء، والانسان الذي يموت يجئ
بديله، والنعمة التي تذهب يجئ بديلها، والكارثة التي تنقضي لابد لها
من بديل، والحياة هي الأخري مثل الزمن، ليس فيها فراغ لا يمتليء،
المسرح غاص ومكتظ، ومقاعد المتفرجين مكتملة، المسرح لا يغلق ابوابه
ليلا أو نهاراً الممثلون يتغيرون، والمتفرجون يتغيرون، ولكن العرض
مستمر، وهكذا الحياة.. مستمرة.
أننا نحس عند منتصف الليل، ان
عاما جديدا يهل علي العالم، فما هو العام؟ وماهو الزمن؟ تلك مقاييس
ابتدعها الانسان، وليس لها عند الطبيعة حساب ، فإن الظواهر الطبيعية
لا تقاس بالشهور والأيام والسنوات، إنها تتتابع في نظام اخر،
وتتفاعل، وليس بينها ما نحسبها به من شهور او سنوات أو أيام، فهناك
بقاع من الأرض لا تغرب عنها الشمس ستة أشهر كاملة، وبقاع أخري تظل في
الظلام ستة أشهر طوال، حتي النهار والليل ليس لهما حساب موقوت!
ولكننا
ابتدعنا مقاييس الزمن كي ننظم شئون معاشنا وحياتنا، ونقيس ابعاد أعمالنا
وأعمارنا، فنسمي منها الطويل والقصير، في حين أن الطبيعة لا تعرف طولا
ولا قصرا، لا رحمة ولا عذابا، إنها تجري لمستقر لها لا يعلمه إلا علام
الغيوب!!
ليس العام الذي نحتفل به سواء كان عاماً هجرياً أو
ميلادياً، الا رمزا تعارفنا عليه، ونحن أجهل ما نكون بما يحيط بنا من
كواكب وعوالم، وما يستكين في ضمير الظواهر من قوي خيرة أو شريرة، لا
بل إن الخير والشر ابتداع انساني، ومقاييسه نسبية، تختلف من فرد الي
فرد ومن بلد الي بلد، ومن قارة إلي قارة، ومن جيل إلي جيل.
وقد
نزلت الاديان بما يتفق وعقل الانسان القاصر، وقربت جهدما استطاعت عظمة
الله الي عقول البشر، ولكن بقي - وسيبقي الي الابد - سر الكون
وصانعه اية عظمي علي قدرته وعجز الانسان، علي جبروته وضعف البشر، وهو
ما يجعل الإيمان ضرورة تكمل هذا الضعف، وتستر من هذا العجز. وبهذا
الإيمان نسأل غيب العام الجديد.. ماذا يخبيء؟ وبهذا الإيمان نرجع إلي
العام الذي انقضي بما فيه من نعمة ونقمة، نسأل الله ان يكون عامنا
الجديد خيراً وأهدي سبيلاً.
هل يغفر الله لها؟
الثلاثاء :
ثقلت
عليها خطاياها ثقلاً شديداً، أرقت ليلها، وأزعجتها في نهارها، ولم
تكن مؤمنة بعقاب او ثواب، وتساءلت مندهشة بينها وبين نفسها، لماذا هذا
الثقل إذن، ولماذا السهاد بالليل، والعذاب بالنهار، هل الخطيئة
بذاتها شئ يقلق الضمير والوجدان إذا تجاوزنا عن عقاب السماء أو لم نؤمن
أنه سيقع يوما من الأيام؟ واستطردت في تساؤلها: هل خلق الانسان وفيه
لمحة ترده الي الصواب إذا حاد عنه؟ هل خلق ومعه الطهر، فإذا دنسه وإن
اسعده هذا، فإنه يرتد عليه بالعذاب وكأنه العقاب، هل هذا الضمير
والوجدان هو الله، قبس منه، نور صادر عنه، شعاع منبعث من ملكوته؟
واحتارت
في الجواب وحاولت جاهدة أن ترد عن نفسها ما انتابها من شكوك، وما افسد
عليها الهدوء والحياة، ولكنها ظلت حيث هي تشعر بالندم والخوف،
وتتساءل: هل تستحق النشوة الطارئة التي احست بها كل هذا العذاب والشك؟
ثم تعود بالذاكرة الي الوراء وتسأل نفسها: هل كانت مستطيعة أن تتجنب
الخطايا التي وقعت فيها؟ وهل الحب خطيئة، وتجيب: إن الحب ليس خطيئة،
إنما تكمن الخطيئة في الجسد، وتستطرد كأنها ترد علي نفسها أو تعترض علي
ما قالته ولكن هل يوجد حب من غير جسد، وإذا كان الجواب بالايجاب،
كان الحب ايضاً خطيئة!!
وأسندت رأسها بين يديها، وأحست بهاتف من
داخلها يؤنبها، تري هل الذي يحب ويحب عشرات المرات، وفي كل مرة يختلط
الحب بالجسد.. إنه عبث إذن.. إنه لهو.. إنه ضلال، ولكن هل كنت
مستطيعة أن أذود هذا الضلال عني؟
في كل مرة خيل إلي أنه الحب الطاغي
الذي لا سبيل الي الفرار منه، ثم ينطفيء لكي يعود إلي الإشتعال من
جديد.. كلا لم يكن حباً، إن ما صنعت كان نزوة، نزوة استبدت بي،
وليكن، فما دمت لا أؤمن بعقاب او ثواب، فلماذا هذا الثقل الذي يضغط
علي صدري؟
وبغير إرادة منها توجهت الي السماء، كانت مضيئة بكواكب
ونجوم، فأحست بشئ من الهدوء يتسلل الي حسها ونفسها، وأطالت النظر الي
السماء، ثم لم تشعر إلا وهي تهتف من أعماقها من صوت كأن امرأة أخري تهتف
به: يارب.. وبغيرإرادة وبغيروعي ايضا توجهت في صلاة خاشعة، أحست
بعدها كأن يدا قدسية مسحت عن صدرها الحزن والألم والندم، وتمتمت: هل
هو الله، ام هو الخشوع المنبعث من وجداني، وكأنه اتصل بمصدره في
السماء!
الكلمة السحرية..!
الأربعاء :
تلقيت هذه الرسالة
من القارئة العزيزة دكتورة ريهام تتضمن الرسالة نظرة جريئة علي الحياة
الزوجية وأسباب فشلها في مجتمعنا الشرقي، وقد حملت صاحبة الرسالة الرجل
مسئولية هذا الفشل، وقالت أن الزوج الشرقي يفتقد الشعور بالرحمة والنزعة
الانسانية، فهو يطالب زوجته بأن تقوم بكل الواجبات الزوجية، أن ترعي
اولاده وبيته، وأن تكون صديقة له يفضي اليها بكل همومه ومشاكله،
ويسألها رأيها ومساندتها في أوقات الشدة، وأن تكون له بمثابة الام
والحبيبة تمنحه الدفء والحنان والحب، وأن تدلله كأحد أطفالها كل هذا،
إلي جانب المطالب العاطفية التي تتعلق بحياتهما الخاصة، حتي هذه
المطالب لا تملك أن تعتذر عنها أحيانا، والاغضب الزوج واعتبر ذلك إهانة
له!
وتقول د. ريهام في رسالتها: ماذا يقدم الرجل مقابلاً لكل
هذه الاعمال، المقابل الذي يقدمه هو الشكوي المستمرة من النفقات
المنزلية، وكيف أنه يعمل بكل طاقته، ويعاني كثيرا حتي يلبي طلبات
البيت والاسرة، هذا ما يقدمه الزوج.. لا يفكر في كلمة حب يقولها
لزوجته او حتي كلمة شكر وعرفان، ولا وقت عنده للرومانسية أو الحنان أو
دفء العاطفة!!
وتستطرد في رسالتها قائلة: ومن اسباب فشل الزواج
ايضاً، إستماع الزوج لنصائح والده أو والدته حتي لو كانت هذه النصائح
تفسد حياته مع شريكة عمره، او تجرح مشاعرها أو تمتهن كرامتها!
وتتساءل
الدكتورة ريهام: لو أن الرجل يظهر علي حقيقته خلال فترة الخطوبة، ومنذ
بداية تعارفه بالزوجة، لما حدث كل هذا، ولكنه يعمد إلي النفاق والكلام
المعسول الذي يلقيه علي مسامع خطيبته، فتصدقه في حين أنه يكون في أحيان
كثيرة بعيدا عن الحقيقة، ومجرد وسيلة زائفة لإخضاعها له والوصول الي
قلبها!
وتتحدث عن غيرة الزوج من نجاح زوجته وتفوقها عليه في
الثقافة والعلم والوظيفة، والوضع الاجتماعي.. وتتساءل: أليس من
المفروض أن يسعد الرجل بنجاح زوجته، ويجعله فخوراً أمام اسرته
وأصدقائه ومعارفه، وأن هذا النجاح سيعود بالخير علي أفراد الاسرة
جميعهم!
أنا شخصياً أؤيد كل كلمة قالتها الدكتورة ريهام في
رسالتها.. إن مشكلة الرجل الشرقي أنه لايزال متأثر برواسب الماضي،
ويعتقد أنه المسيطر الذي يأمر فيجاب، في حين أن المساواة بين الزوج
وزوجته اصبحت هي السائدة الآن، وأن الزواج ماهو الا شركة بين طرفين
متساويين في الحقوق والواجبات بل ويزيد علي ذلك أن الرجل مسئول عن تدليل
زوجته وارضائها وتلبية كل مطالبها، ومنحها الحب والحنان.. يجب أن يعلم
الزوج الشرقي أن كلمة »أحبك« يمكن أن تسعد الزوجة وتضاعف من حبها
لزوجها ولكنه يضن بها علي زوجته!
إن هذه الكلمة السحرية يمكن أن تغني
المرأة عن كل شئ، عن المجوهرات والملابس الفاخرة، والهدايا الثمينة،
ومع ذلك ما يزال معظم الازواج لا يعرفون سرها!
لمحة نورفي الظلام..
الجمعة :
في
هذا اليوم، دقت النواقيس شرقا وغربا، شمالاً وجنوباً، في كل
مكان يقيم فيه اتباع المسيح عليه السلام في انحاء العالم معلنة بشري
الميلاد لمن جاء لكي يلقي علي الارض السلام لا السيف.. ومع دقات
النواقيس أقيمت في الكنائس، صلوات وابتهالات ودعوات، وخارجها في كثير
من بقاع الأرض، قنابل وطائرات فاختلط صوت النواقيس المعلنة للبشري رمز
السلام، يدوي ازيز الطائرات!.
مفارقة غريبة بين المصلين
والمقاتلين، بين الدعوات الخارجة من الأفواه، والاحقاد المزروعة في
القلوب.. وفي الكنائس تتلو تعاليمه عليه السلام »لا يقدر أحد أن يخدم
سيدين، لانه إما ان يبغض الواحد، ويحب الآخر، او يلازم الواحد،
ويحتقر الآخر، لا تقدرون ان تخدموا الله والمال، لذلك أقول لكم لا
تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون، ولا لاجسادكم بما تلبسون،
أليست الحياة افضل من الطعام والجسد، افضل من اللباس، انظروا الي
طيور السماء، إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الي مخازن، لا تكنزوا
لكم كنوزاً علي الارض حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون
ويسرقون، بل اكنزوا لكم كنوزاً في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ،
وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون، سمعتم أنه يقال عين بعين وسن بسن،
وأما أنا فأقول لكن لا تقاوموا الشر، بل من لطمك علي خدك الأيمن فحول
له الآخر ايضاً«. كانت رنات النواقيس يوم الخميس تذهب مع الصدي الي
بعيد، والابتهالات والصلوات ترتفع الي السماء في خشوع والخاطر يذهب معها
إلي أراض ملطخة بالدماء، إلي الاطفال اليتامي والجرحي والمساكين، إلي
المختلطة انفاسهم بدخان القنابل، والمختنقة أرواحهم بظلم الانسان إلي
المسيح في سمائه وهو يقول.. لا تقاوموا الشر فإذا بالناس يصنعون الشر،
اليه عليه السلام وهو يقول »من لطمك علي خدك الأيمن، فحول له الاخر
ايضا« فإذا بهم يلطمون الأبرياء، ويقتلونهم قتلاً، وإليه عليه
السلام وهو يقول »لا تدينوا لكي تدانوا، بالدينونة التي بها تدينون
تدانون، وبالكيل الذي له تكيلون يكل لكم« فإذا بهم يدينون ولا
يدانون، لان القوة معهم، وإذا بهم يكيلون كما يشاؤن ولا يستطيع احد ان
يكيل لهم كما يكيلون!
كانت النواقيس والصلوات والابتهالات لمحة نور في ظلام كثيف، وما أحوجنا في هذا الوقت الي لمحة من نور.
.. ».. بكل الإيمان نسأل الله أن يكون عامنا الجديد خيرا وأهدي سبيلاً..« ..
الاثنين :
عام
يكاد يمضي، وعام يكاد يجيء، والعام الذي يمضي، والعام الذي يجيء،
ليس هما وحدهما ما مضي وماهو آت، بل عشرات الآلاف، ومئات الآلاف،
جاءت وذهبت، دون أن يبلي الزمان أو يدوب، ولكن بلي الناس وذهبوا
بالعشرات والألوف والملايين، اليوم الذي يذهب يجيء بديل له، والاسبوع
الذي يذهب يجئ بديله، والشهر الذي يذهب يجئ بديله، والسنة التي تذهب
يجئ بديلها، ليس في الزمن فراغ لا يمتليء، والانسان الذي يموت يجئ
بديله، والنعمة التي تذهب يجئ بديلها، والكارثة التي تنقضي لابد لها
من بديل، والحياة هي الأخري مثل الزمن، ليس فيها فراغ لا يمتليء،
المسرح غاص ومكتظ، ومقاعد المتفرجين مكتملة، المسرح لا يغلق ابوابه
ليلا أو نهاراً الممثلون يتغيرون، والمتفرجون يتغيرون، ولكن العرض
مستمر، وهكذا الحياة.. مستمرة.
أننا نحس عند منتصف الليل، ان
عاما جديدا يهل علي العالم، فما هو العام؟ وماهو الزمن؟ تلك مقاييس
ابتدعها الانسان، وليس لها عند الطبيعة حساب ، فإن الظواهر الطبيعية
لا تقاس بالشهور والأيام والسنوات، إنها تتتابع في نظام اخر،
وتتفاعل، وليس بينها ما نحسبها به من شهور او سنوات أو أيام، فهناك
بقاع من الأرض لا تغرب عنها الشمس ستة أشهر كاملة، وبقاع أخري تظل في
الظلام ستة أشهر طوال، حتي النهار والليل ليس لهما حساب موقوت!
ولكننا
ابتدعنا مقاييس الزمن كي ننظم شئون معاشنا وحياتنا، ونقيس ابعاد أعمالنا
وأعمارنا، فنسمي منها الطويل والقصير، في حين أن الطبيعة لا تعرف طولا
ولا قصرا، لا رحمة ولا عذابا، إنها تجري لمستقر لها لا يعلمه إلا علام
الغيوب!!
ليس العام الذي نحتفل به سواء كان عاماً هجرياً أو
ميلادياً، الا رمزا تعارفنا عليه، ونحن أجهل ما نكون بما يحيط بنا من
كواكب وعوالم، وما يستكين في ضمير الظواهر من قوي خيرة أو شريرة، لا
بل إن الخير والشر ابتداع انساني، ومقاييسه نسبية، تختلف من فرد الي
فرد ومن بلد الي بلد، ومن قارة إلي قارة، ومن جيل إلي جيل.
وقد
نزلت الاديان بما يتفق وعقل الانسان القاصر، وقربت جهدما استطاعت عظمة
الله الي عقول البشر، ولكن بقي - وسيبقي الي الابد - سر الكون
وصانعه اية عظمي علي قدرته وعجز الانسان، علي جبروته وضعف البشر، وهو
ما يجعل الإيمان ضرورة تكمل هذا الضعف، وتستر من هذا العجز. وبهذا
الإيمان نسأل غيب العام الجديد.. ماذا يخبيء؟ وبهذا الإيمان نرجع إلي
العام الذي انقضي بما فيه من نعمة ونقمة، نسأل الله ان يكون عامنا
الجديد خيراً وأهدي سبيلاً.
هل يغفر الله لها؟
الثلاثاء :
ثقلت
عليها خطاياها ثقلاً شديداً، أرقت ليلها، وأزعجتها في نهارها، ولم
تكن مؤمنة بعقاب او ثواب، وتساءلت مندهشة بينها وبين نفسها، لماذا هذا
الثقل إذن، ولماذا السهاد بالليل، والعذاب بالنهار، هل الخطيئة
بذاتها شئ يقلق الضمير والوجدان إذا تجاوزنا عن عقاب السماء أو لم نؤمن
أنه سيقع يوما من الأيام؟ واستطردت في تساؤلها: هل خلق الانسان وفيه
لمحة ترده الي الصواب إذا حاد عنه؟ هل خلق ومعه الطهر، فإذا دنسه وإن
اسعده هذا، فإنه يرتد عليه بالعذاب وكأنه العقاب، هل هذا الضمير
والوجدان هو الله، قبس منه، نور صادر عنه، شعاع منبعث من ملكوته؟
واحتارت
في الجواب وحاولت جاهدة أن ترد عن نفسها ما انتابها من شكوك، وما افسد
عليها الهدوء والحياة، ولكنها ظلت حيث هي تشعر بالندم والخوف،
وتتساءل: هل تستحق النشوة الطارئة التي احست بها كل هذا العذاب والشك؟
ثم تعود بالذاكرة الي الوراء وتسأل نفسها: هل كانت مستطيعة أن تتجنب
الخطايا التي وقعت فيها؟ وهل الحب خطيئة، وتجيب: إن الحب ليس خطيئة،
إنما تكمن الخطيئة في الجسد، وتستطرد كأنها ترد علي نفسها أو تعترض علي
ما قالته ولكن هل يوجد حب من غير جسد، وإذا كان الجواب بالايجاب،
كان الحب ايضاً خطيئة!!
وأسندت رأسها بين يديها، وأحست بهاتف من
داخلها يؤنبها، تري هل الذي يحب ويحب عشرات المرات، وفي كل مرة يختلط
الحب بالجسد.. إنه عبث إذن.. إنه لهو.. إنه ضلال، ولكن هل كنت
مستطيعة أن أذود هذا الضلال عني؟
في كل مرة خيل إلي أنه الحب الطاغي
الذي لا سبيل الي الفرار منه، ثم ينطفيء لكي يعود إلي الإشتعال من
جديد.. كلا لم يكن حباً، إن ما صنعت كان نزوة، نزوة استبدت بي،
وليكن، فما دمت لا أؤمن بعقاب او ثواب، فلماذا هذا الثقل الذي يضغط
علي صدري؟
وبغير إرادة منها توجهت الي السماء، كانت مضيئة بكواكب
ونجوم، فأحست بشئ من الهدوء يتسلل الي حسها ونفسها، وأطالت النظر الي
السماء، ثم لم تشعر إلا وهي تهتف من أعماقها من صوت كأن امرأة أخري تهتف
به: يارب.. وبغيرإرادة وبغيروعي ايضا توجهت في صلاة خاشعة، أحست
بعدها كأن يدا قدسية مسحت عن صدرها الحزن والألم والندم، وتمتمت: هل
هو الله، ام هو الخشوع المنبعث من وجداني، وكأنه اتصل بمصدره في
السماء!
الكلمة السحرية..!
الأربعاء :
تلقيت هذه الرسالة
من القارئة العزيزة دكتورة ريهام تتضمن الرسالة نظرة جريئة علي الحياة
الزوجية وأسباب فشلها في مجتمعنا الشرقي، وقد حملت صاحبة الرسالة الرجل
مسئولية هذا الفشل، وقالت أن الزوج الشرقي يفتقد الشعور بالرحمة والنزعة
الانسانية، فهو يطالب زوجته بأن تقوم بكل الواجبات الزوجية، أن ترعي
اولاده وبيته، وأن تكون صديقة له يفضي اليها بكل همومه ومشاكله،
ويسألها رأيها ومساندتها في أوقات الشدة، وأن تكون له بمثابة الام
والحبيبة تمنحه الدفء والحنان والحب، وأن تدلله كأحد أطفالها كل هذا،
إلي جانب المطالب العاطفية التي تتعلق بحياتهما الخاصة، حتي هذه
المطالب لا تملك أن تعتذر عنها أحيانا، والاغضب الزوج واعتبر ذلك إهانة
له!
وتقول د. ريهام في رسالتها: ماذا يقدم الرجل مقابلاً لكل
هذه الاعمال، المقابل الذي يقدمه هو الشكوي المستمرة من النفقات
المنزلية، وكيف أنه يعمل بكل طاقته، ويعاني كثيرا حتي يلبي طلبات
البيت والاسرة، هذا ما يقدمه الزوج.. لا يفكر في كلمة حب يقولها
لزوجته او حتي كلمة شكر وعرفان، ولا وقت عنده للرومانسية أو الحنان أو
دفء العاطفة!!
وتستطرد في رسالتها قائلة: ومن اسباب فشل الزواج
ايضاً، إستماع الزوج لنصائح والده أو والدته حتي لو كانت هذه النصائح
تفسد حياته مع شريكة عمره، او تجرح مشاعرها أو تمتهن كرامتها!
وتتساءل
الدكتورة ريهام: لو أن الرجل يظهر علي حقيقته خلال فترة الخطوبة، ومنذ
بداية تعارفه بالزوجة، لما حدث كل هذا، ولكنه يعمد إلي النفاق والكلام
المعسول الذي يلقيه علي مسامع خطيبته، فتصدقه في حين أنه يكون في أحيان
كثيرة بعيدا عن الحقيقة، ومجرد وسيلة زائفة لإخضاعها له والوصول الي
قلبها!
وتتحدث عن غيرة الزوج من نجاح زوجته وتفوقها عليه في
الثقافة والعلم والوظيفة، والوضع الاجتماعي.. وتتساءل: أليس من
المفروض أن يسعد الرجل بنجاح زوجته، ويجعله فخوراً أمام اسرته
وأصدقائه ومعارفه، وأن هذا النجاح سيعود بالخير علي أفراد الاسرة
جميعهم!
أنا شخصياً أؤيد كل كلمة قالتها الدكتورة ريهام في
رسالتها.. إن مشكلة الرجل الشرقي أنه لايزال متأثر برواسب الماضي،
ويعتقد أنه المسيطر الذي يأمر فيجاب، في حين أن المساواة بين الزوج
وزوجته اصبحت هي السائدة الآن، وأن الزواج ماهو الا شركة بين طرفين
متساويين في الحقوق والواجبات بل ويزيد علي ذلك أن الرجل مسئول عن تدليل
زوجته وارضائها وتلبية كل مطالبها، ومنحها الحب والحنان.. يجب أن يعلم
الزوج الشرقي أن كلمة »أحبك« يمكن أن تسعد الزوجة وتضاعف من حبها
لزوجها ولكنه يضن بها علي زوجته!
إن هذه الكلمة السحرية يمكن أن تغني
المرأة عن كل شئ، عن المجوهرات والملابس الفاخرة، والهدايا الثمينة،
ومع ذلك ما يزال معظم الازواج لا يعرفون سرها!
لمحة نورفي الظلام..
الجمعة :
في
هذا اليوم، دقت النواقيس شرقا وغربا، شمالاً وجنوباً، في كل
مكان يقيم فيه اتباع المسيح عليه السلام في انحاء العالم معلنة بشري
الميلاد لمن جاء لكي يلقي علي الارض السلام لا السيف.. ومع دقات
النواقيس أقيمت في الكنائس، صلوات وابتهالات ودعوات، وخارجها في كثير
من بقاع الأرض، قنابل وطائرات فاختلط صوت النواقيس المعلنة للبشري رمز
السلام، يدوي ازيز الطائرات!.
مفارقة غريبة بين المصلين
والمقاتلين، بين الدعوات الخارجة من الأفواه، والاحقاد المزروعة في
القلوب.. وفي الكنائس تتلو تعاليمه عليه السلام »لا يقدر أحد أن يخدم
سيدين، لانه إما ان يبغض الواحد، ويحب الآخر، او يلازم الواحد،
ويحتقر الآخر، لا تقدرون ان تخدموا الله والمال، لذلك أقول لكم لا
تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون، ولا لاجسادكم بما تلبسون،
أليست الحياة افضل من الطعام والجسد، افضل من اللباس، انظروا الي
طيور السماء، إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الي مخازن، لا تكنزوا
لكم كنوزاً علي الارض حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون
ويسرقون، بل اكنزوا لكم كنوزاً في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ،
وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون، سمعتم أنه يقال عين بعين وسن بسن،
وأما أنا فأقول لكن لا تقاوموا الشر، بل من لطمك علي خدك الأيمن فحول
له الآخر ايضاً«. كانت رنات النواقيس يوم الخميس تذهب مع الصدي الي
بعيد، والابتهالات والصلوات ترتفع الي السماء في خشوع والخاطر يذهب معها
إلي أراض ملطخة بالدماء، إلي الاطفال اليتامي والجرحي والمساكين، إلي
المختلطة انفاسهم بدخان القنابل، والمختنقة أرواحهم بظلم الانسان إلي
المسيح في سمائه وهو يقول.. لا تقاوموا الشر فإذا بالناس يصنعون الشر،
اليه عليه السلام وهو يقول »من لطمك علي خدك الأيمن، فحول له الاخر
ايضا« فإذا بهم يلطمون الأبرياء، ويقتلونهم قتلاً، وإليه عليه
السلام وهو يقول »لا تدينوا لكي تدانوا، بالدينونة التي بها تدينون
تدانون، وبالكيل الذي له تكيلون يكل لكم« فإذا بهم يدينون ولا
يدانون، لان القوة معهم، وإذا بهم يكيلون كما يشاؤن ولا يستطيع احد ان
يكيل لهم كما يكيلون!
كانت النواقيس والصلوات والابتهالات لمحة نور في ظلام كثيف، وما أحوجنا في هذا الوقت الي لمحة من نور.